Dark Light

السيجارة الإلكترونية Leave a comment

 هل هي البديل الآمن؟

بديل التدخين

إن كنت مدخنًا، فلابد وأنك سمعت عن السجائر الإلكترونية،بديل التدخين الذي يفترض الكثير من  المدخنين أنه بديل آمن لا ضرر منه، وربما أقترح عليك بعض الأصدقاء أن تقوم باستخدام تلك السجائر بدلا من السجائر العادية كوسيلة للإقلاع عن التدخين. لكن هل السجائر الإلكترونية آمنة فعلا؟ وهل تساعد فعلا على الإقلاع عن التدخين؟ هذا ما نحاول الإجابة عنه.

ما هي السجائر الإلكترونية؟

يعود تاريخ السجائر الإلكترونية للعام 2003، حيث ظهرت لأول مرة على يد الصيدلي الصيني هُن ليك حيث قام بتطويرها بعد وفاة والده المدخن بسرطان الرئة في محاولة منه للتوصل لبديل للسجائر العادية، ووصلت تلك السجائر الإلكترونية لأوروبا وأمريكا عام 2006.

تتكون السجائر الإلكترونية من جهاز تسخين كهربائي يعمل بالبطارية يقوم بتحويل النيكوتين السائل إلى بخار، دون نار أو رماد أو دخان وبالتالي فإن البخار الناتج عنها لا يحتوي على جميع المواد الكيميائية الناتجة عن احتراق سجائر التبغ العادية.


كيف تعمل السجائر الإلكترونية؟

عند إشعال السيجارة العادية  تقوم بحرق التبغ مما ينتج عنه الدخان الذي يحتوي على النيكوتين الذي يقوم المدخن باستنشاقه للحصول على النيكوتين. في المقابل لا تقوم السجائر الإلكترونية بأي عمليات احتراق، لكنها تقوم بتسخين السائل المحتوي على النيكوتين فتقوم بتحويله إلى بخار يقوم المدخن باستنشاقه.

وتبعًا لنوع السيجارة الإلكترونية، ربما يكون من الكافي مجرد الاستنشاق للحصول على ذلك البخار، بينما تحتوي بعض الأنواع على زر تحكم يجب على المدخن الضغط عليه أثناء الاستشاق، كما تتيح بعضها المزيد من الإمكانيات عن طريق تحديد درجة الحرارة التي يتم تسخين السائل للوصول إليها وغيرها.


هل السجائر الإلكترونية آمنة؟

تدعي الشركات المصنعة للسجائر الإلكترونية أن منتجاتهم قادرة على تحسين صحة وحياة المدخنين، لكن العديد من خبراء الصحة يعترضون على ذلك الإدعاء من منطلق أن تلك الشركات لم تقم بالأبحاث الكافية لدعم ذلك الإدعاء، فمنظمة الصحة العالمية -على سبيل المثال- ترفض الإدعاء بأن تلك السجائر آمنة حيث ترى المنظمة أنه لا توجد أدلة علمية كافية لإثبات أمان تلك المنتجات، وكذلك تشير إدارة الغذاء والدواء الأمريكية إلى أن تلك السجائر لم تتم دراستها بشكل كاف، وبالتالي فإن المستخدمين -على سبيل المثال- لا يمكنهم معرفة كمية النيكوتين (أو المواد السامة الأخرى) التي يحصلون عليها عند استخدام تلك السجائر.

ومن أكثر المواضيع إثارة للقلق بخصوص السجائر الإلكترونية، الأمور المتعلقة بضبط الجودة والرقابة، حيث لا توجد أي جهات رقابية مسئولة عن ضبط تركيب السائل المحتوي على النيكوتين مما يثير الشكوك حول المواد الموجودة في ذلك السائل فعليا، وقد قامت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية باختبار منتجات اثنين من الشركات الكبرى المنتجة لذلك السائل وكانت النتائج مخيبة للآمال بدرجة كبيرة.

كان السائل المُعنون بأنه «لا يحتوي على النيكوتين»، في الواقع محتويًا على النيكوتين في جميع العينات التي تم اختبارها ما عدا عينة واحدة، كما كانت النتائج غير متسقة حيث احتوى السائل على نسب مختلفة من النيكوتين في العبوات المختلفة من نفس المنتج. كما احتوت نصف العينات التي تم اختبارها على مواد مسببة للسرطان كالموجودة في السجائر العادية، هذا بغض النظر عن السوائل التي تحتوي على طعم معين كالعنب أو التوت أو خلافه، والتي لا نعلم الكثير عن مدى سلامتها.


هل يعني هذا أن السجائر الإلكترونية لا تختلف عن السجائر التقليدية؟

بالطبع لا، وعلى الرغم من عدم وجود دراسات طويلة المدى لتأثير تلك السجائر الإلكترونية على صحة مستخدميها، فإنه من الصعب جدا القول بأنها لا تختلف عن السجائر التقليدية، حيث تحتوى السجائر التقليدية على عدد كبير جدا من المواد السامة والمسببة للسرطان التي تنتج في الأساس بسبب الإشتعال.

في مقارنة سريعة سنجد أن دخان السجائر العادية على سبيل المثال تحتوي على القطران، بينما لا يوجد القطران في (بخار) السجائر الإليكترونية على الإطلاق، وفي حين أن السائل الخاص بالسجائر الإليكترونية يتكون من 4 مواد في الأساس هي الجليسرين، النيكوتين، البروبيلين جليكول و مكسبات الطعم (والتي عرضنا بعض النقاط التي تثير القلق حولها في الفقرة السابقة) فإن دخان السجائر العادية يحتوى على أكثر من 4000 مادة كيميائية منهم 43 مادة تم إثبات أنها مسببة للسرطان، بالإضافة إلى أكثر من 400 مادة سامة أخرى منها على سبيل المثال أول أكسيد الكاربون، الأمونيا، الزرنيخ والفورمالدهايد.

أثبتت أبحاث الحكومة البريطانية أن السجائر الإلكترونية أكثر أمانًا بنسبة 95% من السجائر التقليدية ولذلك فمن الإنصاف القول بأن السجائر الإلكترونية أقل ضررا من السجائر التقليدية بدرجة كبيرة، لكن ذلك لا يعني على الإطلاق أنها آمنة تماما أو أنها ناجحة كوسيلة للإقلاع عن التدخين.


الخطر المجتمعي

يعتقد الكثير من المهتمين بالصحة العامة وطب المجتمع بأن السجائر الإلكترونية تشكل خطرًا مجتمعيًا بدرجة لا يمكن الإستهانة بها، حيث يعتقد أنها تساعد على توجيه المزيد من الشباب وصغار السن لتجربة السجائر التقليدية مما يزيد من عبء التدخين على المجتمع.

تقوم الكثير من الشركات المنتجة للسجائر الإلكترونية (والتي بدأ عدد من منتجي التبغ الإستثمار فيها) بتسويق منتجاتها كوسيلة مساعدة للإقلاع عن التدخين، في حين ترفض معظم المؤسسات الصحية ذلك حيث لا يوجد أي دليل على أن مستخدمي السجائر الإلكترونية يقلعون عن تدخين السجائر التقليدية.

يعتقد بعض الأطباء أن السجائر الإلكترونية هي وسيلة جديدة لشركات التبغ للوصول للشباب لجعلهم يدمنون النيكوتين مبكرا حيث تقوم معظم الدول بمنع بيع السجائر التقليدية للأطفال أقل من 18 سنة، بينما لا تخضع السجائر الإلكترونية لنفس القيود.

تشير الدراسة  التي أجرتها جامعة ميتشيجان لسنة 2014 إلى أنه ولأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة، يتجاوز عدد مستخدمي السجائر الإلكترونية عدد المدخنين للسجائر التقليدية وجميع أشكال التبغ الأخرى، حيث أقر 9% من طلاب السنة الثامنة بأنهم قاموا باستخدام السجائر الإلكترونية، بينما كانت نسبة مدخني السجائر التقليدية في نفس السنة حوالي 4% فقط، مع تناقص الفارق بين النسبتين مع زيادة العمر، حيث أقر 17% من طلاب السنة الثانية عشر بانهم قاموا باستخدام السجائر الإلكترونية، بينما أشار 14% إلى أنهم يدخنون السجائر التقليدية.

يدعم هذا فكرة تحول الشباب الأصغر سنًا ممن يستخدمون السجائر الإلكترونية إلى تدخين السجائر التقليدية، وإن كان هذا التخوف هو مجرد تخوف غير مثبت لكنه تخوف يستحق الإهتمام من وجهة نظر مجتمعية، حيث أن زيادة أعداد المدخنين تمثل عبئا مجتمعيًا كبيرًا.

في النهاية، ومع الإقرار بأن السجائر الإلكترونية بديل أقل ضررا -وليس أكثر أمانا- من السجائر التقليدية، فإنه لابد من توضيح أن كلاهما إدمان وأن الإدمان في ذاته ضرر لا يمكن الاستخفاف به سواء من الناحية الصحية أو السلوكية.

 

Leave a Reply

X